روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | مهاجمة المناهج الدراسية: الأسباب والحقائق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > مهاجمة المناهج الدراسية: الأسباب والحقائق


  مهاجمة المناهج الدراسية: الأسباب والحقائق
     عدد مرات المشاهدة: 1947        عدد مرات الإرسال: 0

بعد الأحداث الأخيرة في الرياض توجهت سهام كثيرة إلى قلب المناهج الدراسية في السعودية، وكتبت مئات المقالات المهاجمة للمناهج سواء في المدارس أو الجامعات وللبنين وللبنات.

والآن بعد هدوء العاصفة وسكوت الأقلام حق لنا أن نتناقش في هذا الأمر ونوضح جوانب الخلل في تلك الكتابات وهذه النظرات الظالمة المجحفة، وينبغي في هذا الصدد إيضاح الآتي: 

- إن عقلاء الأمم من المفكرين والمثقفين لا يطرحون المسائل العظام للنقاش على جمهور العوام.

وكل يدلي بدلوه في قضايا لا يكاد يفقه منها ما يخوله للحديث فيها والخروج برأي ناضج متين، إذ العوام لم يخلقوا لهذا ولم ييسروا له. فمكان الحديث عن المناهج ليس على صفحات الجرايد، ولا على هذا الوجه من التعسف والابتسار في الفهم والمناقشة.

- وعقلاء الأمم من المفكرين والمثقفين لا يطرحون هذه المسائل العظام في أوقات عصيبة تختلط فيها المفاهيم وتزل فيها الأقدام، إنما يتخيرون لطرحها أوقات الهدوء والصفاء والتعقل حتى يخرجوا منها بالحلول المناسبة والتصورات المرضية، ولقد رأينا أن جل من تحدث في هذا الأمر إنما طرقه في وقت لا يصلح فيه النقاش ولا طرق مثل هذه الموضوعات التي تتعلق بحاضر الأمة ومستقبلها.

وهي في غاية من الأهمية ليس بعدها غاية؛ لذلك جاءت أكثر الكتابات متشنجة لا قيمة لها، وبعض تلك الكتابات ركب موجتها علمانيون أرادوا الاصطياد في المادة العكر، وأردوا استغلال الفرصة للهجوم، إذا أن ما يستطيعون قوله في أوقات الفتن لا يستطيعون قوله في أوقات الهدوء والصفاء.

- إن معظم من ناقش قضية المناهج كان مهاجماً لها، جازماً بعدم صلاحيتها للأجيال، منحياً باللائمة على من وضعها ورضيها، لكن هؤلاء لم يفهموا أمراً مهماً ألا وهو أن واضعي هذه المناهج كانوا ثلة كريمة من أهل الفكر الصحيح والإيمان العميق والإخلاص الذي لا يشك فيه.

وكان على رأسهم رجلان من خيرة المسلمين آنذاك – نحسبهم كذلك والله حسيبهم – وهما معالي الدكتور حسن آل الشيخ وفضيلة الشيخ مناع القطان رحمهما الله تعالى وأسبغ عليهما الغفران.

وقد كونت لجنة المنهج بأمر الملك فيصل رحمه الله تعالى، ثم إن المناهج تعرضت لتغيير بعد هذا لكن لم يمس جوهرها وأصلها وبقي في حواشيها.

وأريد من كلامي هذا بيان أن الذين وضعوا المنهج لم يكونوا من الأغرار السذج أو قاصري التفكير أو محدودي العلم، معاذ الله فقد كانوا من رؤوس العلم والثقافة آنذاك، فمنهج وضعه هؤلاء حري بنا اليوم أن نتريث طويلاً قبل معاداته ومهاجمته والنيل منه على هذا الوجه.

- ثم إن هذه المناهج قد خرجت أجيالاً من أهل هذا البلد يعدون بالملايين أو لنقل بعشرات الملايين منذ وضعت المناهج إلى يوم الناس هذا، وكان منهم المسلم الصالح ومنهم المقتصد ومنهم الظالم لنفسه، وكان منهم الوزراء والقواد للمسيرة المدنية والعسكرية، وكان منهم من بلغ شأواً بعيداً من الكمال.

وأزعم أن المناهج أفلحت في إرساء المفاهيم الإسلامية المعتدلة في أذهان كثير بل أكثر الطلاب والطالبات، حتى إذا خرجت علينا ثلة من الشباب غير مرضي طريقها ولا سلوكها ذهبنا لنتهم المناهج بالقصور والتقصير! !

وهذه أمريكا قد جرت فيها مآس مروعة على يد شبابها، وهدموا فيها مباني ومؤسسات، وظهر منها جماعات شاذة هائل عددها لكننا لم نسمع من مفكريهم ومثقفيهم هجوماً على مناهجهم – التي هي قاصرة حقاً – كما يحصل من هجوم على مناهجنا، ولا لوماً كما نلوم، ولا تعنيفاً كما نعنف، فرويدكم يا قوم: 

أوردها سعد وسعد مشتمل ** ما هكذا تورد يا سعد الإبل

- ثم إن كثيراً من هؤلاء العاذلين ذهبوا ليتهموا المناهج بأنها تؤسس أحادية الرأي وعدم التسامح، ولا أدري ماذا يريدون منا؟ أيريدون أن نسب الصحابة الكرام رضي الله عنهم في مناهجنا حتى تستقيم في نظرهم مناهجنا؟ أم يريدون منا أن نقول بعصمة الأئمة أم بنكاح المتعة؟ !

إذا أن طائفة تعيش بين ظهراينا تقول بهذا وتدعيه فهل نثبته في مناهجنا من أجل أن نبنيها على احترام الرأي الآخر كما يقولون؟ ! أم يريدون منا أن نتسامح مع اليهود والنصارى فنحذف آيات الجهاد وأحاديثه، وآيات الولاء والبراء وأحاديثه.

وقصص المجاهدين، وأخبار إخوان القردة والخنازير، حتى إذا فعلنا ذلك جدلاً – ومعاذ الله أن نفعل – فهل يرضى عنا هؤلاء ويصفوننا بالتسامح آنذاك؟ !

يا قوم لقد ضغط الغربيون وعلى رأسهم أمريكا ومعهم إخوان القردة على دول عربية وإسلامية لتغيير مناهجها، ولقد استجابت وغيرت فكانت النتيجة أن أصبحت المناهج شوهاء لا قيمة تربوية كبيرة لها فهل رضوا عنها، لا والله.

فهل نعي وتعتبر ونفهم أن القضية ليست قضية مناهج فقط إنما هي قضية حياة إسلامية متكاملة يريدون هدما لبنة لبنة فهل نعتبر ونتعظ؟ ! أرجو هذا، وأرجو من الإخوة الذين تسرعوا بنقد المناهج أن يراجعوا أنفسهم ويحذروا من هذه الفتنة، والله الموفق.
 

الكاتب: الدكتور محمد موسى الشريف

المصدر: موقع التاريخ